عدم المساواة في البطالة والمرض
لقد دمر «كوفيد-19» الاقتصاد العالمي، وأدى إلى ارتفاع معدلات البطالة، وقتل أكثر من مليون شخص في جميع أنحاء العالم. لكنه، في ظل هذه الصورة القاتمة، دفع بالمجتمع إلى التحسن من عدة جوانب، وأحدها هو العمل عن بُعد.
عندما ضرب فيروس «كورونا» المستجد العالم، تحول كل من كان بإمكانهم أداء وظائفهم عن بُعد للعمل من المنزل. وبعد فترة من الزمن انخفض هذا العدد تدريجياً مع زيادة فهمنا لتدابير السلامة، لكنه لا يزال كبيراً.
وبينما سيعود الكثير من الناس إلى مكاتبهم بعد انتهاء الوباء، من المحتمل أن يبقى جزء منهم في المنزل بشكل دائم. حيث أظهر استطلاع حديث زيادة كبيرة في عدد الموظفين الذين قالوا إنهم لن يعودوا إلى المكتب بدوام كامل.
من المرجح أن يكون أولئك الذين يعملون من المنزل من ذوي الوظائف المهنية العالية الأجر، كالمهندسين والمحامين والممولين أو الاستشاريين. في حين أن معظم الوظائف ذات الدخل المنخفض لا يمكن إدارتها عن بُعد، كما هو الحال في خدمات الطعام والتوصيل وتجارة التجزئة التقليدية.
أدى ذلك إلى عدم المساواة من حيث البطالة والتعرض ل «كوفيد-19»، وعندما يعتاد العمال ذوو الدخل المرتفع على البقاء في المنزل والطلب عبر الإنترنت بدلاً من الخروج لتناول الطعام والتسوق، فإن عمال الخدمة المحليين ذوي الدخل المنخفض هم الذين يتحملون العبء الأكبر من التحول في الطلب.
تسبب هذا الاتجاه أيضاً في خسائر نفسية جمة. فغالباً ما ينتهي الأمر بالأشخاص الذين يعملون عن بُعد إلى قضاء ساعات عمل أكثر من وقت ذهابهم إلى المكتب. ومع عدم وضوح الحد الفاصل والموازنة الفعالة بين ساعات العمل والحياة الأسرية، أصبح الاسترخاء أمراً صعباً وازداد الأرق والإرهاق بشكل كبير.
ولكن بالمقابل هناك أسباب وجيهة ودلائل للاعتقاد بأن هذه الآثار السلبية ستكون عابرة في الغالب. كما تظهر البلدان التي تعاملت بنجاح مع «كوفيد-19»، سيعود المهندسون والمحامون إلى المطاعم والتسوق في المتاجر عندما ينتهي الوباء.
من المحتمل أيضاً أن ينحسر الضغط النفسي مع انحسار خطر الفيروس. سيطور الأشخاص الذين يعملون عن بعد استراتيجيات لفصل وظائفهم عن حياتهم الشخصية، وتنظيم وقتهم بطرق تجعلهم أقل قلقاً. يظهر الأساتذة والكتاب وغيرهم من الأشخاص الذين كانت وظائفهم دائماً هجينة بين الحضور الشخصي وعن بعد، أنه يمكن القيام بذلك.
ترتبط التنقلات الطويلة بالتعاسة، لذلك فإن قضاء المزيد من أيام العمل في المنزل سيعود بالفائدة الاقتصادية على المجتمعات وسيجعل الناس أكثر صحة نفسياً، كما أنه سيزيد الادخار ويقلل من استهلاك البنى التحتية للطرق المتداعية، وسيكون خفض الانبعاثات الدفيئة ميزة أخرى مهمة.
«بلومبيرج – نوح سميث»