ظاهرة المنجمين في الإعلام العربي.. بين التنبؤ والتلاعب الاستخباراتي
في عصر الإعلام الرقمي، أصبحت شخصيات تدعي معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل جزءاً لا يتجزأ من المشهد الإعلامي العربي. تظهر هذه الشخصيات بانتظام على القنوات التلفزيونية والمنصات الرقمية، محذرة من حوادث، وحروب، ومصائب قادمة في الدول العربية. من أبرز هؤلاء ليلى عبد اللطيف، المنجمة اللبنانية الشهيرة، ومايك فيغالي، وميشال حايك، والشيباني، والان مصطفى، وهو شخصية أخرى تروج لتنبؤات مشابهة، وكثر من على شاكلتهم. هذه الظاهرة تثير تساؤلات حول دوافعها الحقيقية، حيث يرى بعض المراقبين أنها أداة لمنظومات استخباراتية تهدف إلى جس النبض الشعبي وترويج أفكار معينة.
ليلى عبد اللطيف، المعروفة بـ”سيدة التوقعات”، تظهر في برامج تلفزيونية مثل “بين الحدس والحدث” على قناة الجديد اللبنانية، حيث تطلق تنبؤات عن أحداث صادمة. على سبيل المثال، تحدثت عن “جحيم الشرق الأوسط” و”هرمجدون”، محذرة من هجمات إرهابية في فبراير 2026 أو 2027، وأحداث في دول تتعلق بالعنف والاحتجاجات. كما توقعت كارثة في 2026، مشيرة إلى “سيأتي من فوق.. فيتحرك ما تحت.. وتشتعل الأرض في صمت”، ما أثار جدلاً واسعاً على وسائل التواصل، حيث اتهمها البعض بترويج مخططات ماسونية صهيونية. في الواقع، تعتمد عبد اللطيف على ورقة تقرأ منها، مما يثير شكوكاً حول مصداقيتها، إذ تبدو كأنها تقرأ نصوصاً مُعدة مسبقاً بدلاً من “حدس” حقيقي.
أما “الان مصطفى”، فهو شخصية أقل شهرة لكنه يتبع النهج نفسه. في فيديوهات على يوتيوب، يقدم توقعات “خطيرة” لعام 2026، محذراً من أحداث عالمية وإقليمية. يُوصف في بعض المنشورات بأنه “جاهل ومضطرب نفسياً، ولديه زهايمر”، مضغوطاً بسبب “التعليمات” التي ينقلها، مما يعزز الشكوك حول كونه أداة لجهات خارجية. هذه التنبؤات غالباً ما تتعلق بصراعات في المنطقة العربية، مثل الحروب والكوارث والأمراض والاغتيالات، وتُروج عبر قنوات إعلامية تدعمها.
السؤال الجوهري: هل هؤلاء مجرد منجمين، أم أبواق لمنظومات استخباراتية؟ يرى مراقبون أن مثل هذه التنبؤات تخدم أغراضاً سياسية، مثل جس النبض الشعبي تجاه سيناريوهات محتملة، أو ترويج فكرة الفوضى لتبرير تدخلات خارجية. في سياق الشرق الأوسط المتوتر، يمكن أن تكون هذه “التنبؤات” جزءاً من حملات نفسية تهدف إلى زرع الخوف والشك. على سبيل المثال، ترتبط بعض تنبؤات عبد اللطيف بنظريات مؤامرة حول “مؤامرة النهاية”، مشيرة إلى تورط قوى دولية. كما أن انتشارها عبر الإعلام يعكس دعماً من وسائل إعلامية قد تكون مرتبطة بأجندات سياسية.
هذه الظاهرة تؤثر سلباً على الرأي العام العربي، إذ تحول الإعلام إلى منصة للخرافة بدلاً من التحليل الرصين. وبدلاً من التركيز على حلول حقيقية للمشكلات الاقتصادية والسياسية، يُغرق الجمهور في عالم التنبؤات الوهمية. في النهاية، يجب على الجمهور التمييز بين الترفيه والتلاعب، ودعم إعلام يعتمد على الحقائق لا الغيبيات.
وأخيراً نقول هناك من يتوقع أن هؤلاء المنجمين سيختفون في 2026 سواء اختفاء بالموت أو اختفاء قصري.
ميسون عبدالخالق – سوريا