سلطنة عُمان في يومها الوطني.. 53 عاماً من البناء لمستقبلٍ مُشرق
احتفت سلطنة عمان أمس (السبت)، الموافق 18 من نوفمبر لعام 2023م، باليوم الوطني الثالث والخمسين للسلطنة، حيث يواصل أبناء عُمان بقيادة حكيمة تحقيق مسيرة البناء والتطوير والتنمية والإنجازات المتتالية.
ويشاطر السعوديون، حكومة وشعباً، إخوانهم في عُمان، مشاعر الاعتزاز بما تحقق، والتطلُّع نحو مستقبل مشرق، مرتكزين على قوة العلاقات التي تربط البلدين، وتمتد لعقود طويلة شهدت تعاوناً وتبادلاً في العديد من المجالات.
وتمتلك سلطنة عُمان موقعاً إستراتيجياً، حيث تقع في أقصى الجنوب الشرقي لشبه الجزيرة العربية، وتطل على ساحل يمتد 3165 كيلومتراً، يبدأ من أقصى الجنوب الشرقي، حيث بحر العرب ومدخل المحيط الهندي، ممتداً إلى بحر عُمان حتى ينتهي عند مسندم شمالاً، ليطل على مضيق هرمز الإستراتيجي حيث مدخل الخليج العربي، وترتبط حدود عُمان مع المملكة غرباً، ويتبعها عدد من الجزر الصغيرة في بحر عُمان ومضيق هرمز، وتبلغ مساحة سلطنة عُمان 309.500 كيلومتر مربع، فيما يبلغ عدد سكانها 4,445,262 نسمة.
وتتميز جغرافية السلطنة بوجود سلسلة جبال الحجر؛ التي تمتد من منطقة رؤوس الجبال في رأس مسندم (حيث يقع مضيق هرمز بوابة الخليج) إلى رأس الحد أقصى امتداد للجزيرة العربية من جنوبها الشرقي المطل على المحيط الهندي.
وتمثل مبايعة الإمام أحمد بن سعيد؛ الذي كان والياً على صحار وما حولها في 1744م، بداية لحقبة جديدة في التاريخ العُماني، استمرت بمراحلها المختلفة على امتداد أكثر من 270 عاماً حتى الآن.
وبعد أن توفي الإمام أحمد بن سعيد في الرستاق، التي كانت عاصمة له، خلفه عدد من الأئمة والسلاطين البارزين الذين حافظوا على استمرار حكم أسرة البوسعيد وصولاً لعهد السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور، باني نهضة عُمان الحديثة، ثم عهد السلطان هيثم بن طارق بن سعيد، الذي تسلم مقاليد الحكم بعد وفاة السلطان قابوس بن سعيد يوم العاشر من يناير 2020م، طبقاً لوصية السلطان الراحل قابوس بن سعيد.
مقومات سياحية عديدة ومتميزة
تتمتع سلطنة عمان، بمقومات سياحية عديدة ومتميزة من جبال وأودية وبحار، إضافة للكثير من المواقع الأثرية، فضلاً عن التنوع البيئي، ما يتيح تبايناً مناخياً يوفر شمساً ساطعة دافئة في الشتاء، ونسائم عذبة خالية من الرطوبة مع حرارة معتدلة صيفاً في الجبل الأخضر، مع الرياح الموسمية ورذاذ المطر والغيوم والنسيم المنعش في موسم الخريف بمحافظة ظفار.
وتتنوع نشاطات السياحة والجذب السياحي من تنظيم رحلات السفاري الصحراوية، وممارسة الرياضات المائية بالشواطئ الممتدة النظيفة، وإقامة فعاليات الموروث الشعبي في الفنون والصناعات اليدوية التقليدية.
وقد انطلق النهج التشاركي في إعداد الرؤية المستقبلية عُمان 2040، ليرسخ عملية المشاركة المجتمعية في مناقشة القضايا المطروحة وتبادل الآراء وإيجاد حوار مجتمعي حقيقي حولها، وصولاً إلى صياغة النتائج التي سترسم مستقبلاً مزدهراً لعُمان. وتتبنى رؤية عمان 2040 النهج التشاركي خلال مراحل تطوير المشروع، الذي يضمن مشاركة القطاعات الفاعلة ذات العلاقة في الدولة؛ والمتمثلة في شرائح واسعة من المواطنين الذين يعدون أساس التنمية، فضلاً عن القطاعات الحكومية وشبه الحكومية، ومؤسسات القطاع الخاص العاملة في القطاعات الاقتصادية المختلفة، إضافة للمجتمع المدني، وقطاعات الأكاديميين والنخب المثقفة وقادة الرأي.
أواصر ضاربة بعمق التاريخ
أوضح وزير الإسكان والتخطيط العمراني بسلطنة عُمان الدكتور خلفان الشعيلي، أن المستهدفات ببرامج الرؤية العمانية 2040 تُشابه ملامحها رؤية المملكة 2030؛ خصوصا بالأسس الرئيسة، وذلك في الاهتمام بمحور الإنسان والمجتمع والحوكمة والجانب الاقتصادي والبيئي.
وترتبط الدولتان بأواصر ضاربة جذورها في أعماق التاريخ، إضافة إلى عمق الروابط الدينية والثقافية، وهي في مجملها عوامل تقارب وتوحد؛ عززتها الرقعة الجغرافية المشتركة.
وتمتاز العلاقات الأخوية بين المملكة وعمان بعلاقات قوية تؤكدها الزيارات الرسمية بين البلدين، إضافة إلى التعاون المشترك بينهما في كثير من المجالات المشتركة، حيث كانت هناك زيارات متبادلة بين الجانبين في هذا العام، كانت من بينها زيارة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز سلطنة عمان، التي التقى خلالها سلطان عُمان السلطان هيثم بن طارق، وكذلك زيارة نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي الممثل الخاص لجلالة السلطان أسعد بن طارق آل سعيد إلى المملكة للمشاركة في القمة العربية.
وتعميقاً للعلاقات بين البلدين، منح سلطان عمان هيثم بن طارق، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى سلطنة عُمان عبدالله العنزي وسام النعمان من الدرجة الأولى، إضافة إلى لقاء وزير السياحة أحمد الخطيب مع وزير السياحة والتراث العماني سالم المحروقي، وتشجيع القطاعات كافة، ومن أبرزها القطاع السياحي، وذلك خلال زيارته لسلطنة عُمان.
تفعيل التعاون التجاري والاستثماري
جرت العديد من الزيارات بين المسؤولين في البلدين، تم خلالها إطلاق عددٍ من المبادرات والبرامج السياحية المشتركة، التي تهدف إلى استقطاب السياح الدوليين والمواطنين والمقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي، ومن أهمها العمل على إطلاق تأشيرة سياحية موحدة، وعدد من الرحلات الموسمية بين البلدين، وإطلاق تقويم سياحي مشترك، كما ركزت إحدى المبادرات على تفعيل التعاون التجاري والاستثماري، خصوصاً مشاريع قطاع السياحة ودعم رواد الأعمال المهتمين في مجال السياحة بالبلدين.
وانعقد الاجتماع الأول للجنة التنسيق السياسي والدبلوماسي المنبثقة عن مجلس التنسيق السعودي – العماني في الرياض بتاريخ 22 أغسطس 2023م، وترأَس الاجتماع وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية السفير الدكتور سعود الساطي من الجانب السعودي، ووكيل وزارة خارجية سلطنة عمان للشؤون السياسية الشيخ خليفة بن علي الحارثي من الجانب العماني.
وجرى خلال الاجتماع استعراض مختلف جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها والدفع بها إلى آفاق أرحب، وبما يلبي تطلعات القيادتين ويحقق مصالح الشعبين الشقيقين، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما عقدت لجنة التنسيق في مجالات الثقافة والإعلام والسياحة والتنمية الاجتماعية المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي – العماني، اجتماعها الأول في مسقط بسلطنة عمان؛ حيث ترأس الاجتماع من الجانب السعودي وكيل وزارة الثقافة للعلاقات الثقافية الدولية المهندس فهد الكنعان، ومن الجانب العماني وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة سعيد البوسعيدي، بحضور عدد من المسؤولين في وزارتي الثقافة بكلا البلدين الشقيقين.
وناقش الاجتماع عدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك؛ ليخرج بعددٍ من التوصيات والمبادرات المتفق عليها، التي تخدم قطاعات الثقافة، والسياحة، والصحة، والإعلام، والرياضة، والتعليم، والموارد البشرية، والتنمية الاجتماعية في كلا البلدين الشقيقين.
منظومة متكاملة من العلاقات
يُعد مجلس التنسيق السعودي العُماني مجلساً تنسيقيّاً يشمل جميع مجالات التعاون، والعمل المشترك بين السعودية، وسلطنة عمان، وقد أنشئ إبان استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سلطان عمان السلطان هيثم بن طارق في مدينة نيوم (شمال غربي المملكة) في 11 يوليو 2021.
وتعمل المملكة وعمان، على التعاون في إطار منظومة متكاملة ومتناغمة في علاقاتهما، حيث وقعت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات مع وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات العمانية، برنامجاً تنفيذياً في مجال البنية الأساسية للاتصالات وتقنية المعلومات واستثمار الكابلات البحرية.
ويهدف البرنامج إلى استغلال الموقع الجغرافي للدولتين وتعزيز الاستثمار في الكابلات البحرية والأرضية التي تمر خلالهما؛ وإيجاد بيئة عمل مشتركة لتعزيز التعاون في مجال البنى الأساسية لخدمات الاتصالات وتقنية المعلومات؛ وفي مجال الربط الرقمي عالي السرعة لتبادل البيانات.
كما يستهدف البرنامج التنفيذي وضع خيارات لتنفيذ الربط الرقمي الإقليمي عبر الكيانات الاستثمارية، والشركات المرخصة، وتوسيع الاستثمار في مراكز البيانات وخدمات السحابية العالمية؛ التي تستهدف التواجد الإقليمي لتعظيم الفائدة للمنطقة.
ووقّع صندوق الاستثمارات العامة مُذكّرة تفاهم مع جهاز الاستثمار العُماني؛ بهدف توسيع فرص التعاون بين الطرفين، وتمكين الفرص الاستثمارية الجديدة والواعدة في سلطنة عُمان، التي تعد أحد أسرع الاقتصادات نموّاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أعربت سلطنة عمان عن ترحيبها برغبة السعودية في استضافة بطولة كأس العالم 2034م، وتأييدها التام في مسعاها لاستضافة هذه البطولة. وأكدت وزارة خارجية سلطنة عمان أن هذه الرغبة تأتي انعكاساً لما وصلت إليه السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي من نهضة شاملة، تمكنّها من استضافة مختلف الفعاليات الرياضية الدولية.