تنفرج في آسيا وتستبد بأوروبا
مفتاح شعيب
لا تخلو معركة البشرية ضد فيروس كورونا من نقاط مضيئة تشير إلى احتمال انحسار هذه الجائحة خلال الأشهر القليلة المقبلة، بعد أن منحت منظمة الصحة العالمية مؤخراً جرعة أمل بإمكانية توفر لقاح مع نهاية 2020 الذي سيبقى في الذاكرة كأسوأ عام في التاريخ الحديث.
كل الأخبار والمعلومات المرتبطة بهذا الوباء قابلة للنفي والتصديق، طالما لا توجد معايير دقيقة لتغليب جانب على آخر. ومن ذلك إعلان رئيس كوريا الشمالية كيم جون أون أن بلاده باتت خالية من الفيروس، ولتأكيد ذلك كان العرض العسكري الضخم الذي حضره الآلاف من العسكريين والجمهور خالياً من الكمامات ودون التزام بالتباعد الاجتماعي. وفي غياب أي تأكيد محايد، يمكن اعتبار قرار كوريا الجنوبية المجاورة بتخفيف القيود وفتح منشآت الترفيه الليلية وعودة الفعاليات الرياضية، بعدما تراجع حجم الإصابات إلى مستويات ضعيفة دون تسجيل وفيات على مدى أسابيع أمراً مشجعاً، في حين عادت الصين، موطن الوباء، إلى حياتها الطبيعية ولم يعد الوباء يشغل بال السلطات والناس، بل إن ذلك البلد المتطلع إلى المزيد من التقدم والنمو، أصبح ينظر إلى الأزمة الصحية كحدث من الماضي تم تجاوزه بنجاح بإجراءات صحية صارمة، وربما بسر من الأسرار سيتم الكشف عنه قريباً.
لقد بدأ التغلب على فيروس كورونا يأخذ زخمه بقوة في دول جنوب شرقي آسيا مروراً باليابان، وجنوباً إلى أستراليا تجري محادثات مع اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة ودول أخرى في جنوب المحيط الهادي بشأن استئناف حركة السفر بعد تراجع الإصابات. أما نيوزيلندا القريبة، فتلك قصة مذهلة ومضرب مثل في النصر على الجائحة والتقليل من تداعياتها الخطيرة. ولكن مقابل الفأل الحسن القادم من الشرق، مازال الكابوس جاثماً على الغرب وتحديداً أوروبا والقارة الأمريكية بشطريها الجنوبي والشمالي، فهناك مازالت الإصابات والوفيات بعشرات الآلاف يومياً، وهناك ذعر قائم تسبب في عودة إغلاق مدن وعواصم. ورغم محاربة أغلب السلطات لفكرة العودة إلى الإغلاق الشامل الذي تم فرضه في الربيع الماضي، إلا أن تدهور الوضع الصحي يجعل الخيارات ضيقة.
وفيما يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التخلص من آثار إصابته بالفيروس والعودة سريعاً إلى حملته الانتخابية، أكد أن علماء الولايات المتحدة يعملون على توفير لقاح قريباً يتصدى للوباء ويسهم في تعافي الاقتصاد والعودة إلى الحياة السابقة، لكن على الأرض ليس هناك ما يوحي بمفاجأة من العيار الثقيل، بينما تقرر بريطانيا انتهاج استراتيجية جديدة لعلها تمكنها من التوفيق بين التصدي للفيروس والحفاظ على نسق يضمن مناحي الحياة العامة.
واقع الحال يشير إلى أن الأزمة الصحية، التي تشتد في أوروبا مع اقتراب فصل الشتاء، هي ذات الأزمة التي تنفرج في شرقي آسيا، وهذه المفارقة كفيلة بأن تمنح البشرية فرصة هائلة للخلاص من هذا الوباء. فالأزمة، مهما طالت، لن تستمر إلى الأبد، والأيام المقبلة ستكون حبلى بالبشائر.
chouaibmeftah@gmail.com