تموجات قطار الموت والحياة
في صورة نشرت بمواقع التواصل الاجتماعي، ظهر بها مجموعة يركبون «لعبة» قطار الموت في إحدى دول شرق آسيا، وتظهر ملامح وجوههم وهي متأثرة بنزولهم المفاجئ في هذا القطار، وكأنها تحتاج إلى «سمكرة في الصناعية» لتعديل هذه العطف والتشنجات، إلا أحد الركاب.
فهذا الراكب لم تظهر على ملامح وجهه أي تأثيرات، وكأنه تم اقتصاصة بالفوتوشوب ولصقه بين صورهم، بينما في الحقيقة هو معهم في جميع هذه التموجات التي مرت بهم، ولكن تم تحديد وجهه وكتب عليه، «طيار مقاتل ركب لعبة قطار الموت».
وهذا السبب يعني أنه ليس «بليد مشاعر» بل يشعر بكل موجة، بل قد يكون حسب مقدار تأثيرها بشكل دقيق على أعضاء جسمه قبل وصولهم لهذه الموجة، ولكن السبب الذي جعله لا يظهر أي تأثير أنه كما يقول المثل المصري «ياما دق على الروس طبول»، فالتعود على التموجات لا يخفف آلامها عليك ولكنها تعطيك نوعا من الخبرة في التعامل معها.
يذكرني هذا المشهد بأحد المنشدين والذي يلقب بين أقرانه بـ»صوت الوطن» والذي كان يحضر إلينا في أحد إستديوهات قناة فضائية لتسجيل الجديد من «شيلاته»، وكان أثناء تعامله مع طاقم الأستديو، وكأنه طفل يخلو من الهموم بكثرة المزاح والدعابة وحب ملء الأجواء بالفرح والطرب والسعادة.
وبعد خروجه في يوم من الأيام أخبرني أحد العاملين هناك أن لدى هذا المنشد أبناء مصابون بمرض نادر جدا على مستوى العالم يجعل الطفل منهم معاقا كليا حتى يتوفاه الله في سن معينة لا تتجاوز سنوات عمره الأولى، وأنه بالفعل قد توفى له 8 أبناء والتاسع والعاشر ما زالا في العناية المركزة وأيدي الأطباء تعجز عن تقديم أي شيء لهما.
ولكن هذا «المنشد» نظرا لخبرته في تموجات الحياة التي جعلته يعتاد زيارة «المقبرة» سنويا ليدفن فلذة جديدة من كبده، جعلته يؤمن بأن تموجات الحياة كتموجات قطار الموت، على الرغم من أنها قد تظهر مرعبة ولكنها لا تخرج عن كونها لعبة يتم التحكم بها لتأتي لحظة يستقر قطار الموت هذا مهما «لف ودار»، وقام بالحفر في الصخر حتى تمكن من نقل ابنه التاسع راكان إلى الولايا المتحدة الأمريكية، وكان راكان أول طفل سعودي يحصل على جرعة من أغلى علاج في العالم بقيمة مليوني دولار، وذلك في مستشفى فيلادلفيا للأطفال بأمريكا.
واستجاب راكان للعلاح وخرج من المستشفى قبل أقل من أسبوعين من الآن، فيما لا يزال شقيقه فيصل ينتظر النقل إلى أمريكا لتلقي العلاج اسوة بشقيقه، إلا أنه ما زال «صوت الوطن» هذا أو «علي بن باصم آل مخلص» يخرج يوميا عبر حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي وهو «ينشد» و»يجر الألحان» ويحتفل ويفرح وكأنه ذلك الطيار المقاتل الذي لم تظهر عليه علامات تأثير (تموجات قطار الموت والحياة).
نظرة للسماء: قال تعالى: ((ٱعلَمُوا أَنَّمَا ٱلحَیَوٰةُ ٱلدُّنیَا لَعِب وَلَهو وَزِینَة وَتَفَاخُرُ بَینَكُم وَتَكَاثُر فِی ٱلأَموَ ٰلِ وَٱلأَولَـٰد)).
Next Page >