المعلم والمعلمة ومعاناة الدراسات العليا
تلقيت – قبل أسابيع – رسالة من مجموعة من المعلمين والمعلمات مفادها: «فضلا لا أمرا، نود منك نحن المعلمين والمعلمات الكتابة عن قضيتنا التي سببت لنا الكثير من المعاناة في ظل مماطلة وتهميش المسؤولين لنا لأكثر من عام». قضية هؤلاء بكل بساطة أن شريحة كبيرة من المعلمين والمعلمات يطالبون بالحق في التعليم، وإكمال دراسة الماجستير والدكتوراه في الجامعات السعودية، العقبة التي تواجههم هو عدم صدور قرار إيفاد داخلي من وزارة التعليم، يقضي بإعطائهم إجازة براتب على غرار زملائهم وزميلاتهم الذين حصلوا على قرار الإيفاد في السنوات الماضية، واللافت أن وزارة التعليم لم تصدر أي تصريح رسمي يطمئنهم، فهم في هذا الوقت بالتحديد في أمس الحاجة للتقدير والاهتمام من قبل المسؤولين، خاصة في هذه المرحلة المفصلية التي أثبت فيها المعلم السعودي والمعلمة السعودية جدارتهما وكفاءتهما في ممارسة الدور المناط بهما. أتساءل هل جزاء هذه الفئة الغالية علينا الذين جمعوا بين شرف التدريس وشرف طلب العلم أن تتم مماطلتهم بهذه الطريقة! البعض منهم قد يفقد دراسته في الجامعة بسبب تمسك الجامعة بشرط التفرغ رغم أن الدراسة «عن بعد». والبعض الآخر في حالة توجس وقلق لأن لديه إجازة بدون راتب وقد يجد نفسه في الأيام القادمة في المحاكم ومن ثم الحكم بإيقاف خدماته؛ بسبب مطالبة البنوك له بسداد الأقساط الشهرية، طلاب الدراسات العليا من المعلمين الآن في حيرة من أمرهم، هل يتركون حلمهم بسبب قرار الإيفاد أم يواصلون الدراسة بلا آلية واضحة ولا شفافية من قبل مسؤولي التعليم؟! والأمر الذي يدعو للغرابة أكثر أن المعلمين والمعلمات مرجعيتهم وزارة التعليم، والجامعات السعودية مرجعيتها الجهة ذاتها، لكن المراقب للمشهد يشعر بأن كل جهة تتحرك لوحدها في اتجاه دون وجود نقطة تقاطع بينهما! الحلول في نظري ليست سحرية، بإمكان الإدارة العامة للإيفاد والابتعاث والجامعات السعودية -وجميعهم تحت وزارة التعليم- وضع شروط تواكب المرحلة الحالية وتواكب الدراسة عن بعد كحلول بديلة في ظل تأخر قرار الإيفاد التالية سأعرضها في النقاط التالية:
1- أن تسمح الجامعات للمقبولين بالدراسة دون التمسك بشرط التفرغ، حيث إن الدراسة عن بعد لا تستلزم الحضور، فلماذا يجبر المعلم على أخذ إجازة (دون مرتب) لكي يدرس؟
2- أن تسمح الجامعات لمن بدأ الدراسة بإجازة دراسية أن يقطعها وفقاً للمادة 139 من اللائحة التنفيذية للموارد البشرية التي تنص على أنه يجوز للموظف قطع إجازته الدراسية والعودة إلى عمله، وبالتالي يستطيع الدارس الجمع بين الدراسة والعمل بحيث لا يوجد تعارض بينهما في التوقيت.
3- أن تعدل شروط الموافقة المسائية لتشمل جميع المقبولين، فهذه السنة استثنائية مع أزمة كوفيد – 19.
4 – السماح بالإيفاد الجزئي في حالة احتياج العمل وتعذر الاستغناء؛ بحيث يفرغ المعلم في أيام الدراسة فقط ويعمل باقي الأيام.
5- استمرار التعلم عن بعد حتى يصدر تعميم الإيفاد الداخلي.
6- تخفيض نصاب المعلمين والمعلمات خلال فترة دراستهم وحتى يصدر قرار إيفادهم.
نحن بحاجة لهذه الشهادات العليا خاصة عندما نقارن وضعنا مع كثير من الدول فالمستوى التعليمي للمعلمين في المملكة أقل مقارنة مع غيرنا من الدول أمثال سنغافورة وفنلندا وأمريكا والإمارات، فمثلا نسبة الماجستير في فنلندا تصل إلى %89.3 للمعلمين و%91.2 للمعلمات، وأما نسبة الدكتوراه فتصل إلى %2.5 للمعلمين و%1.1 للمعلمات، أما في المملكة نسبة الماجستير %6.2 للمعلمين و3.1 للمعلمات، ونسبة الدكتوراه %0.1 للمعلمين و%0.1 للمعلمات.
أخيرا أقول: مطلب «المعلمين والمعلمات» في الحق بالتعليم مطلب إنساني مهم ومشروع، وآمل من الوزارة اتخاذ الحلول العاجلة.
Next Page >