تنميةثقافة

الكتابة بالشعور والكتابة بالإحساس.. فهم الفرق وتأثير تقبل المشاعر على الكتابة

المصدر


الكتابة ليست مجرد أداة للتعبير عن الأفكار، بل هي أيضًا مرآة لروح الكاتب. من خلالها، يعبر الإنسان عن مشاعره وتجارب حياته، ولكن هل تساءلنا يومًا عن الطريقة التي نكتب بها؟ هل تختلف الكتابة إذا كانت نابعة من مشاعرنا الداخلية؟ هناك نوعان رئيسيان من الكتابة يمكننا التمييز بينهما: الكتابة بالإحساس والكتابة بالشعور. وعلى الرغم من أن كلاهما يعبر عن تجاربنا الإنسانية، فإن الفرق بينهما يكمن في طريقة التفاعل مع المشاعر وكيفية التعبير عنها.

الكتابة بالإحساس تركز على الوصف الحسي للعالم الخارجي. عندما يكتب الكاتب عن مشهد طبيعي، مثل غروب الشمس أو جمال منظر معين، فإنه يصف ما يراه أو ما يشعر به حواسه. هذه الكتابة تهتم بما يحدث في محيط الكاتب، معتمدة على المشاهد الملموسة التي يمكن إدراكها عبر الحواس. الكتابة هنا قد تكون دقيقة وموضوعية، لكنها تظل محكومة بالعالم الخارجي.

أما الكتابة بالشعور، فهي أعمق وأكثر ارتباطًا بتجربة الكاتب الداخلية. في هذا النوع من الكتابة، يركز الكاتب على مشاعره المرتبطة بتجربته. فإذا كان يشاهد نفس المشهد الجميل، فإن الكتابة هنا لا تقتصر على وصف المنظر فحسب، بل تشمل التأثيرات العاطفية التي يتركها هذا المنظر على قلب الكاتب. قد يشعر بالسعادة، أو الحزن، أو حتى القلق. الكتابة بهذا الأسلوب لا تقتصر على “ما نراه” بل تركز على “كيف نعيش هذا الجمال”.
لكن، ما الذي يجعل الكتابة بالشعور أكثر تأثيرًا؟ الإجابة تكمن في تقبل الشعور. عندما يتقبل الكاتب شعوره، يمكنه التعبير عنه بصدق. على سبيل المثال، إذا كان الكاتب في حالة حزن، فإن تقبله لهذا الحزن يعينه على الكتابة عنه بعمق وواقعية. الحزن هنا يصبح جزءًا من تجربته الشخصية، مما يجعل الكتابة أكثر صدقًا وإحساسًا.

لكن إذا رفض الكاتب الشعور، فإن الكتابة تأخذ مسارًا مختلفًا. عندما يرفض الشخص الحزن، فإنه لا يكتب عنه مباشرة، بل قد يكتب عن شعور آخر نشأ نتيجة هذا الرفض، مثل الخوف أو القلق. في هذه الحالة، لا تظهر الكتابة عن الحزن بوضوح، بل عن مشاعر أخرى تعكس المقاومة الداخلية، مما يجعل النص أقل عمقًا وأكثر تجنبًا للواقع.

تقبل الشعور هو بالتالي المفتاح لكتابة أكثر صدقًا وواقعية. عندما نقبل مشاعرنا، نسمح لأنفسنا بتعبير أكثر أصالة وشفافية. الكتابة التي تنبع من قلب متقبل ستكون دائمًا أكثر تأثيرًا وقوة، بينما الكتابة الناتجة عن رفض المشاعر قد تعكس حالة من الإنكار أو المقاومة، مما يجعل النص يفتقر إلى القوة الداخلية.

الكتابة، في جوهرها، هي رحلة داخلية. كيف نكتب يعتمد بشكل كبير على كيفية تفاعلنا مع مشاعرنا: هل نرحب بها ونقبلها كما هي، أم نرفضها ونتجنب مواجهة واقعنا الداخلي؟ سواء كانت الكتابة نابعة من إحساس خارجي أو شعور داخلي، كل نوع يعكس جانبًا من تجربتنا الإنسانية، وله قيمته الخاصة في التعبير عن الذات.

طارق القرني

عن مصدر الخبر

المصدر

Editor

Ads Here