العرب.. بعيداً عن «نوبل»
صادق ناشر
كل عام تحتفل الأوساط الثقافية والأدبية والعلمية في مختلف دول العالم بجائزة نوبل.. حدث يغير الكثير من مفاهيم الكفاح الذي يُبليه مبدعون في مختلف فنون الأدب وحقول العلم من مختلف التخصصات، وفي كل عام يبقى العرب في قائمة الغائبين، مع أنهم ينتمون إلى أمة ليست فقيرة لا في علمائها ولا شعرائها ولا في مالها أيضاً، فلديها الكثير لتكون مؤهلة لاحتلال مواقع رائدة في معظم الجوائز، لكنها انشغلت وتنشغل بأشياء لا علاقة لها بمنافسة الكبار.
قبل أيام تم الإعلان عن الفائزين الحائزين جائزة نوبل في الطب والكيمياء والفيزياء والشعر وغيرها، ولم يكن أي عربي حاضراً في أي منها، لكأنهم استسلموا لقدرهم بأن يكونوا في مؤخرة المقتحمين لميادين الأدب والثقافة والعلوم بمختلف أنواعها وفروعها.
باستثناء الأديب والكاتب نجيب محفوظ والعالم أحمد زويل، ومحمد البرادعي الذين شرفوا الأمة العربية بتسجيلها في قائمة الحائزين جائزة نوبل لإبداعاتهم الأدبية والعلمية، فإن من حصل عليها من الآخرين يعود إلى طابع سياسي وحقوقي وليس إبداعياً أو علمياً، كما حصل في منحها الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، تقديراً لجهودهما في تحقيق السلام، أو لقضايا أخرى لها صلة بمجاملات سياسية أكثر من أي شيء آخر.
ومع أن كثيرين يرون أن الجائزة ذات لون سياسي، مع بعض الاستثناءات، وأنها أصبحت بمثابة مصدر للمفاجآت بسبب غياب كثير ممن يستحقون الحصول عليها، ومعظمها لأهداف ذات طابع سياسي، خاصة في ظل الصراع في عهد الحرب الباردة في القرن الماضي، إلا أن الغياب العربي يكشف لا مبالاة الحكومات والأنظمة العربية بمثل هذه الجوائز والمقارعة للأمم الأخرى لنيل هذه الجائزة.
أكثر من ذلك، يكشف غياب الجائزة عن العالم والأديب العربي ضعف الاهتمام الحكومي العربي بالبيئة العلمية في المراحل الدراسية المختلفة، وإذا ما تم التدقيق في المخصصات التي ترصدها الدول العربية لمراكز الدراسات والبحوث العلمية، اكتشفنا حجم الفجوة بين الطموح والحقيقة، ذلك أن غياب التحفيز يبقى الغائب الأكبر في المشهد العربي.
هذا العام، وككل عام، غاب العرب عن منصات التتويج لجائزة نوبل فذهبت لعلماء وأدباء من فرنسا وبريطانيا ودول أخرى عدة، لكن هذا الغياب لن يحرك أي قلق لدى الحكومات العربية التي صارت تتعامل مع الأمر باعتباره أمراً واقعاً، وكأنه كتب علينا أن نبقى في ذيل القائمة، غير أن المأساة هي أننا نغيب في حضرة الجوائز العلمية والأدبية، لكننا نحضر بقوة في ميدان الحروب والأزمات، والدليل على ذلك أننا بتنا منشغلين في الصراعات المسلحة والتدمير والتخريب أكثر من انشغالنا بالعلم والأدب والثقافة.
sadeqnasher8@gmail.com