الشاعر عبداللطيف آل الشيخ: أهداف أخطائي سامية
سطع اسم عبداللطيف آل الشيخ في سماء الشعر، وتقاسمت قصيدته النجوم، ودارت في أفلاك الله؛ تدق نواقيس حزن نبيل؛ في نصه بروق تبشر بأمل؛ وتقيم جسوراً تحد من ردات فعل الأعاصير، وفي حوارنا يتأكد للقارئ أن الشاعر مجموعة قصائد، وكتلة موسيقى، وروح طفل تتجدد دون أن تضعف أو تشيخ، والشعر برق يشد الوصل بين غمامتين، لتغدو نهر ذكريات وأحزان ودموع، فإلى نص الحوار:
• كيف أثّرت الطائف في طفولة آل الشيخ؟ ومتى آخر مرة سافرت لها من باب الحنين؟
••الطائف مسقط رأسي.. و ارتبط في ذاكرتي بصيفيات السبعينات إلى أوائل الثمانينات.. كان لها طعم الحارة أو الحواري و حياة أبناء الحارة و مغامراتهم البريئة، و الجميل أن الذكريات لأكثر من حارة.
• متى انتقلت من الطائف، وما سبب ذلك؟
•• لم أعش في الطائف وإنما ولدت فيها في صيفية ٦٧م، وارتبطت الذكريات فيها فقط في الصيفيات ولكني لم أدرس بها وإنما كنا نقضي الإجازات الصيفية بها.
• كشخص بدأ حياته العملية موظف بنك، كيف استثمرت الشعر اليوم في تقديم رسالتك؟
•• ميزة الشعر أنه صديق وفيٌّ نستودعه أسرارنا؛ وهو لمن لديه الموهبة والشغف أياً كانت مهنته أو عمله.. بمثابة البحث عن الذات الذي نستمر من خلاله في عملية البحث عن ذواتنا لنجدها أحيانا في مناطق لم تكن تتوقع أن تجد ذاتك فيها.. وهذا بحد ذاته نعمة.
• ما أبرز صفة ورثتها في شخصك من والدك الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ «رحمه الله»؟
•• تعلمت الكثير من والدي، وللأمانة أكثر ما تعلمته منه (الصبر)، فقد كان رحمه الله صبوراً وفي ذات الوقت لا تفارق البسمة والتفاؤل والرضا محياه.
• ما الذي يدعو شاعر الأغنية أن يختبئ في ستار الاسم المُستعار في بداياته؟
•• لأسباب تختلف من شخص لشخص قد يكون منها إثارة الفضول بالغموض، ومنها عدم تأكد الشاعر من قبول ما يطرح، وأيضاً من أهم الأسباب تكون اجتماعية خصوصاً الشعر المرتبط بالأغنية. ويحاول الشاعر تجنيب اسم أسرته الحرج الذي كان يرتبط بموضوع من يحرّم الغناء.
• درست القانون وعملت كمُستشار قانوني في الديوان الملكي، لكن ما الذي يعصى القانون عنه في حياة عبد اللطيف؟
•• العواطف.. والعواطف لا تُبرر.
• ماذا تعلَّم عبد اللطيف من مُلازمة أمير العطاء «عبد العزيز بن فهد»؟
••الكثير الذي لا يمكن حصره في عجالة وللأمانة كل علمٍ طيب تعلمته من سيّدي الأمير عبدالعزيز بن فهد بكل ما يعنيه العلم الطيب من معنى.
• عملت كمستشار لرئيس مجلس الإدارة في مؤسسة بدر بن عبدالمحسن الحضارية، ما طبيعة العلاقة بينك وبين البدر اليوم؟ وكيف تصف تجربتك المهنية معه؟
•• فيما يخص سيّدي وسيّد الشعر الأمير بدر بن عبد المحسن فأعتبر نفسي محظوظاً بأنني عرفت وعاصرت وكنت قريباً جداً من بدر الشاعر وبدر الإنسان.. ألا تتفقون معي أن هذه نعمة تستحق الشكر! أما فيما يخص تجربتي المهنية بعملي معه في مؤسسة الأمير بدر بن عبدالمحسن الحضارية كمستشار الكثير الكثير.. تعلمت من سموه كيف يهتم بأدق التفاصيل في طرح أعماله التي تقدمها المؤسسة وكذلك الوفاء بما التزم به بطريقة غير مكررة وفيها من الجدة والإبداع من خلال ورش العمل التي يُشرف عليها ويرأسها ويطرح على الجميع بكل تواضع المحتوى ويناقشه مع الجميع لخدمة العمل في المقام الأول، وكذلك لا يخذل المتلقي من لذة الدهشة حتى لو كانت المناسبة متكررة مثل المناسبات الوطنية فنجده بكل قدرة وتمكن يتفوق في كل مرة على نفسه وعلى الشعراء الآخرين.
• تصريحك في «تويتر» أن صادق الشاعر هو عبدالرحمن بن مساعد، تم بالاتفاق بينكما؟ أما أنها «مونة صديق»؟
•• بعد نزول مقطع من بروفات المسرحية كانت وقتها «ميانة بس»، وكنت واثقاًَ لو لم أُصرّح بذلك، سيأتي أحد غيري بالتصريح.
• بعد إصدار أغنية شيرين – الحب خدعة – التي كانت من كلمات عبدالرحمن بن مساعد وألحان صادق الشاعر، قلت: «شكراً صادق الشاعر على تفوقك على نفسك»، بماذا تفوق على نفسه تحديداً؟
•• كانت أغنية الحب خدعة أول أغنية باللهجة السعودية للفنانة الكبيرة شيرين، وتفوّق باعتقادي على نفسه في وضع اللحن الذي يناسب حس شيرين الفني ولكن بطعم سعودي.
• كيف بدأت شرارة التعاون الفني في عام ١٩٩٣، ولماذا رابح صقر تحديداً؟
•• كانت أغنية (لو سألت القاع) أول تعاون لي مع رابح وأول أغنية رسمية لي.. كان رابح نجماً منذ أول أغنية له وأحدث ثورة نوعية في الأغنية السعودية.. ولم أختر رابح صقر رغم أنني كنت أتمنى أن يغني لي بل شرفني رابح باختياره لهذا النص بعد أن بدأت صداقة وجيرة قبل ٣٠ سنة.
• هل هناك أغانٍ غير رسمية تغنّت لك؟ ومع من كان التعاون؟
•• نعم، كانت أغنية «ذبّي اللثام».. للفنان عبدالرحمن النخيلان، لحنها وغناها واختار اسماً مستعاراً لي، ونزلت في شريطه. رابح وفيٌّ لفنه وأصدقائه حيث فاجأني بإعادة توزيع العمل وإعادة غنائه بعد ٣٠ سنه بشكل جديد ومختلف كنوع من التكريم للعمل والذي اعتبره تكريماً لي من صقر الأغنية السعودية.
•غنّى لك عبادي الجوهر، كيف تصف تجربتك الفنيّة معه؟
•• أبو سارة صديق عظيم، وغنى لي أكثر من خمسة نصوص أعتز بها جميعاً.. ابتداءً من عام ٩٥م، وعلى تواصل دائم معه.. أبو سارة ملهم لكل شاعر فنان يعطي بُعداً حسياً للنص حتى شاعر النص قد يعجز عن إيصاله.
• كيف ترى نظرة الشعب السعودي لطلال مداح ومحمد عبده، وهل فعلاً يرونهما كهلال ونصر؟
••عندما يكون الحديث عن طلال مداح ومحمد عبده فأنت تختصر جزءاً كبيراً جداً من تاريخ الفن السعودي في هذين الفنانين العظيمين.. أعتقد من الظلم لكليهما أن يكون التحيز لهما غير مبني على ما قدماه للأغنية السعودية، أعتقد كذلك فكرة يا طلال يا محمد لا تخدم صاحبها بل تحرمه من جزء كبير ومهم من الاستمتاع بتاريخ الأغنية السعودية.
• لو كانت المغنية «ذكرى» موجودة اليوم وطلبت منك قصيدة، كيف سيكون ردك؟
•• سبحان الله عندما اختارت لنفسها الفنانة ذكرى هذا الاسم كأنه استقراء منها لرحيلها المبكر، لتبقى ذكرى الفنانة «ذكرى» خالدة لا تتزحزح من وجدان الفن العربي.. وبلا شك كنت سأكون في قمة السعادة لو أسعدني الحظ وغنّت لي ولكن الدعاء لها بالرحمة كلما سمعت صوتها العبقري خير عوض.
• كل حناجر من غنّوا لك ذهبية، لكن من هي الحنجرة التي تحب قصيدتك نبرتها؟
••من جيل العمالقة بلا شك فنان العرب محمد عبده، ومن جيل الشباب أجد أن صوت الفنان عايض يوسف هو الأقرب لنصوصي ووجداني.
• لو طلبت منك اختيار فنان واحد لتخليد مسيرتك كشاعر أغنية، فمن تختار ولماذا؟
•• عايض يوسف.. لأن كان لي شرف التعاون معه في بداياته الفنية إيماناً مني بموهبته وتميزه واختلافه واختياره مبني على أنه أحد أهم الفنانين السعوديين الشباب القادرين على الوصول للمستمع العربي بحسه وأصالته وتجدده.
• قلت: «أميمة طالب جت تطل، غطّت على الكل»، متى تطل علينا بقصيدتك؟
•• أميمة طالب فنانة المستقبل بكل جدارة.. أعتز كثيراً بمعرفتها على المستوى الشخصي وبإذن الله أتمنى أن أوفق بأن أقدم لها ما يليق بهذا الصوت العبقري.
• قُلت أيضاً: «وكوني لا أخوض في أمور السياسة والدين والرياضة هذا بكل بساطة لأني لا أفتي فيما لا أعلم.. فهناك من متعتهم في هذا المجال مثل متعتي في الفن»، هل مساحات «إكس» اليوم أخذتك من متعة الفن؟•• أعترف أن مساحات «إكس» وغيرها من البرامج الصوتية أبعدتني نوعاً ما عن المجال الفني ولكني أراها واجباً علي في هذه الفترة الجامعة أن أكون متواجداً بشكل إيجابي ومتى وجدت نفسي لا أستطيع أو غير قادر أن أقدم ما يخدم الوطن في هذه المساحات سأبتعد عنها.
• ماذا تقصد عندما كتبت: «السياسة تقتل الطهر بنجاسة»؟
•• هي خاطرة مثلها مثل باقي الخواطر التي أكتبها في حينها عندما تخطر على بالي، والمقصود بها أن السياسة قد تقتل عامدةً متعمدة بعض الطُهر الفطري من خلال مبادئ سياسية تُقر الظلم بختم المصلحة السياسية المزيف ولنا في القضية الفلسطينية المثل الأجدر.
• لو كان للهجاء بيت واحد، كيف تهجو «الإخوان المتأسلمين»؟
•• «إن كان للإرهاب والكذب عنوان جماعة الإخوان تكفي العناوين».
• قُلت في تغريدة «المواطن له حق التعبير عن مواطنته بما يتناسب مع ثقافته وليس بالحديث والتحليل السياسي» وكان الحديث عن عبدالحليم حافظ، هل أنت اليوم تؤكد على رأيك هذا؟
•• نعم.. فالدفاع عن الوطن ليس حصراً على فئة دون الأخرى من المواطنين فهو واجب على كل مواطن ومواطنة كلٌ من موقعه.
• 28 عاماً تقريباً على زواجك، وميلادك الأصدق.. ما الذي يضمن استمرارية الحب يا عبداللطيف؟ وماذا تقول لسارة الحجيلان في هذا الحوار؟هزّي السما.. يمطر على قلبي الريش
إنتي حمام الدار.. والقلب داره.
وحتيش لو غار الفضا منْك حتّيش
أشرق نهارك.. واخجله في نهاره..
العشق دولة وأرض، وانتي بها الجيش
وانا ملك قد ذاق.. طعم انتصاره.
العشق بعد الحب، هو لقمة العيش
العشق.. عمرٍ مستحييل اختصاره
العشق ريٍ للقلوب المعاطيش..
العشق بحّارٍ.. وعينك فناره.
العشق نايٍ ماعزف لحظة الطيش
العشق ربحه.. ما يعرف الخسارة
بالعشق وحده، برفع الراس وآعيش
يا تاج راسي ورِفعتي والحضارة
ياللي سألني كل هذا على ويش؟
أضحك وأقول: أعْذرك.. ما شفت «سارة»
• كرجُل عاشق، تعدد الزوجات خيانة مُباحة أم شراهة فطريّة للرجل؟
••التعدد في رأيي استثمار عالي المخاطر. فلو تم استبداله برفع رأس المال في الاستثمار والشراكة الأصلية الأولى لكان الربح مضموناً.
• هل سبق واعتذرت لأم خالد في بيت شعر ولم تقبل اعتذارك؟ مع البيت إن أمكن.
•• أنا أعتذر لأم خالد عن الأخطاء التي لم ارتكبها بعد وهي بدورها وعظمتها تسامحني مقدماً على أخطائي بأثر مستقبلي.
• متى تشعر بالغثيان الشعري؟
••عندما يكون هناك شعراء كثيرون ولا يكون هناك شعر.
• من هو العدو الأول لشغف الكتابة؟ وهل الشاعر يعتزل كسائر الموهوبين!
•• الشغف هو المحرك الرئيسي للكتابة عندما يصاب الشغف بالاكتئاب أو بالكسل لا يُصبح للشعر قيمة والعدو الأول للشغف هو اليأس بأي شكل من الأشكال.. فمتى ما كان الأمل حاضراً كان الشعر أكثر حضوراً. والشاعر لا يعتزل الشعر بل الشعر من يعتزل الشاعر.
• لنتخيل أن رؤية ٢٠٣٠ عروس، كيف ستزفّها شعريّاً لبطلها أبو سلمان في ثلاثة أبيات؟
•• يا «محمد بن سعود» هذا محمد
حفيدك اللي طوّع الوقت تطويع
الصارم اللي للمواقف تسيّد
الحازم اللي شرّع الحق تشريع
المجد لو قرر فيوم يتجسّد
ماله خَيَار الا انت و من غيرك يضيع
• ماذا تقول لشعراء المُراهقات، الذين تتصدر كتبهم إعلانات معارض الكتاب في دول الخليج؟
•• شكراً لغثّكم، الذي جعلنا نفرّق بين الغث والسمين.
• لو طلبت منك رسالة شعريّة لـ«إيلون ماسك»، أي الأغراض الشعرية تود أن تستخدمها؟
•• الدهشة بدون شك.
• كم عدد قائمة المحظورين لديك في «تويتر»، وما أهم الأسباب التي تجعل الشخص يُركن فيها؟
•• كثير جداً.. وعلى ما أذكر فاق الثمانية آلاف، وأهم سبب أن أتجنب من «يغثني» وأجنّبه من «غثاي».
• كيف ترى من يكتب باسم مُستعار مُدّعياً الوطنية وهو يستخدمه لتصفية حسابات شخصية؟ وما الحل؟
•• الكتابة باسم مستعار حق مشروع لكل شخص، ولكن هناك بعض الحسابات التي تدعي الوطنية وتكتب باسم مستعار لتصفية حسابات شخصية أو محاولة الاغتيال المعنوي للمغرد الوطني وتمرير أجندة فاسدة. ولكن يجب علينا أن نعترف بأن هناك أسامي مستعارة تعتبر قدوة للمغرد الوطني.
• بعد التقاعد يُطفئ الرجل «اللمبات»، ما الذي تُريد إطفاءه في مساحات منصة «إكس»؟
•• أنا لا أريد إطفاء اللمبات أنا أريد إشعال الشموع في المساحات مؤمناً أن التواصل الاجتماعي على ضوء الشموع أكثر جمالاً.
• لمن تعتذر عبر هذا الحوار؟
•• أعتذر لنفسي أولاً.. لأخطاء اقترفتها بحق نفسي، والعزاء في ذلك أن الأهداف السامية كانت سبب هذه الأخطاء.
• لو لرحلتنا معك اليوم في هذا الحوار أغنية واحدة، ماذا ستكون ولماذا؟
•• ستكون أغنية «البشارة» للفنان رابح صقر؛ لأن أثناء إجابتي عن هذه الأسئلة الجميلة تلقيت بشارة صنعت يومي.