الخليج دارنا
إبراهيم الهاشمي
«الخليج» دارنا، إنها ليست مجرد مطبوعة أو صحيفة، بل هي جزء لا يتجزأ من تاريخ التنوير والثقافة والمعرفة والوعي السياسي والإنساني في الإمارات، منذ أن أسسها الأخوان تريم وعبدالله عمران، رحمهما الله، وهي ذات منهج ورؤية وأسلوب، انحازت للوطن في كل أوقاته ومواقفه، بخط عروبي أصيل.
«دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر»، لم تكن مجرد دار لذلك فقط، بل كانت لنا داراً ومداراً ومتنفساً، لم نكن لنتجاوز مقرها ونحن ذاهبون إلى الشارقة، فلا بدّ أن نعرّج علهيا، حيث كنا نجتمع في القسم الثقافي الذي كان يشكل مظلة لجميع المثقفين بمختلف أطيافهم ومشاربهم وتوجهاتهم؛ كان محمد الماغوط، وأحمد أمين المدني، رحمهما الله، ود.يوسف عيدابي، ومحمود مدني، مدارس ننهل منها المعرفة والوعي والثقافة. كانت «الخليج» للمثقفين بيتاً وملاذاً وشعلة يستضيئون بها ويضيئون؛ لها ملحق ثقافي يعد منبراً نفاخر به إذا نشرت لنا فيه مادة، كان شعلة ضياء ونور مر في دربه وعمل فيه كثُر، وخرج من تحت مظلته مبدعين في شتى مجالات الإبداع المقروء.
إنها ليست مجرد صحيفة، إنها موقف يمثل حالتها دارَ نشر حرةً شعارها الحقيقة من دون خوف والواقع دون زيف، لذا كان لها الحضور السياسي الواضح، فيما تنشره عبر افتتاحياتها أو من تستقطب للكتابة فيها، وعمل ذلك التوجه والمنهج على ترسيخ مفهوم دولة الوحدة والاتحاد، بمنهجية واضحة في عقول القراء بفكر عروبي وحدوي أصيل، كتب فيها الكثير من المفكرين والباحثين الإماراتيين والعرب والأجانب، الأكاديميين وغير الأكاديميين، فكانت منبراً حراً صادقاً، يكشف العيب ليعين على الإصلاح والتطوير، يعالج القصور ويشيد بالعطاء والنجاح، يكشف الجرح ويقدم البلسم، وأسهمت في تطور فكر البناء الوحدوي، وترسيخ مفاهيمه وتصوراته، ليس النقد لمجرد النقد فيها مكان، بل هو مصاحب للبناء والإصلاح.
ليست مجرد صحيفة، فهي عين الاقتصاد ونبضه، فملحقها مدرسة في استطلاع الرأي وتوجهات السوق، لها عين تقرأ بين السطور وترصد الماضي والحاضر وتستكشف المستقبل، تضع النقاط على الحروف في صميم الوقت المناسب ومكانه، وفي الرياضة هي الصوت الصادق المعبر عن الواقع الرياضي والمستقبل المنشود.
«الخليج» ليست مجرد صحيفة أو ظاهرة إعلامية عابرة، بل هي فكر وأدب وسياسة ورؤية وموقف، تتلمذ على قراءتها أجيال وأجيال، وأسهمت في تكوين وجدان وفكر الكثيرين منا ووعيهم وثقافتهم ورؤيتهم، إنها صوت إماراتي عربي أصيل في سماء الإعلام الشريف الذي يجمع ولا يفرق، يدافع عن القضايا الوطنية ويناصر الحق أينما كان.
نشرت فيها منذ بداياتي الأدبية والشعرية، وبدأت الكتابة فيها بشكل منتظم عبر هذا العمود الاسبوعي منذ سنة 2011، وأفاخر بأنني من بين تلامذتها وكتابها.
لدارنا.. ل«الخليج» في يوم مولدها.. في يوبيلها الذهبي كل الحب.