الحبتور يعلق على كلمة الرئيس الأمريكي في الأمم المتحدة
الملياردير الاماراتي خلف الحبتور يعلق في صفحته على الفيسبوك على كلمة الرئيس الأمريكي:
استمعتُ بتمعّن إلى كلمة الرئيس الأميركي دونالد #ترامب في #الأمم_المتحدة، ووجدت نفسي أمام خطاب يثير الكثير من علامات الاستفهام.
من المفاجئ أن يصدر مثل هذا الخطاب عن رئيس أقوى دولة في العالم، يتحدث فيه عن إنجازات في “إخماد الحروب” ويُصدِّر نفسه كصانع سلام، في وقت يشهد العالم أكثر الصراعات دموية في #غزة و #أوكرانيا وغيرها.
الرئيس ترامب انتقد الأمم المتحدة ووصفها بالضعف، وطرح نفسه بديلاً عنها كـ “صانع سلام”. لكن الحقيقة أن شلل الأمم المتحدة لا يعود إلى ضعفها المؤسسي فقط، بل إلى هيمنة الدول الكبرى واستخدامها المتكرر لـ #حق_النقض (#الفيتو) لتعطيل القرارات العادلة. وآخر مثال صارخ كان الفيتو الأميركي الذي حال دون صدور قرار يهدف إلى وقف العدوان الدموي على غزة. فإذا كان الرئيس ترامب صادقاً في حديثه عن السعي للسلام، فإن غزة هي الاختبار الأول، وهي المكان الذي يجب أن يبدأ منه.
أما عن ادعائه أنه “صانع سلام”، فهنا تكمن أكبر المفارقات وأكثرها وضوحاً. كيف يمكن أن يُقدَّم للعالم على أنه أنهى حروباً هنا وهناك، بينما لم يقترب حتى من معالجة الأزمات الكبرى التي تهز الاستقرار الدولي منذ سنوات طويلة؟ كيف يمكن مساواة نزاعات محلية محدودة أو صراعات حدودية ضيقة، قد تُحلّ أحياناً باتفاقيات بروتوكولية أو تفاهمات ظرفية، بحروب كبرى غيّرت وجه العالم وأعادت تشكيل التوازنات الدولية؟
يتحدث عن إخماد النزاع بين أرمينيا وأذربيجان، ويشير إلى خلافات حدودية في كمبوديا وتايلاند، ويتباهى بوساطات في صربيا وكوسوفو، ويذكر نزاعات محلية في إفريقيا مثل رواندا والكونغو، ويتحدث عن نزاع بين مصر وإثيوبيا حول المياه.
يتفاخر بما يسميه إنجازات بينما الحرب الروسية-الأوكرانية ما زالت تحصد أرواح عشرات الآلاف وتزلزل الأمن الأوروبي. وكأنها تُقارن بالمجازر اليومية في غزة، حيث يُقتل الأطفال والنساء والشيوخ أمام العالم كله بلا رادع ولا مساءلة. وفي حين أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأسره يشهدان مأساة إنسانية متصاعدة في غزة، لم يطرح لها ترامب أي حل سوى الدفاع عن المجرم الحقيقي.
هذه الأمثلة وحدها تكفي لتوضيح التناقض الفاضح: كيف يمكن مساواة تسويات جانبية محدودة بنزاعات كبرى تغيّر موازين القوى العالمية.
إن السلام لا يُصنع عبر تضخيم إنجازات صغيرة لتلميع صورة سياسية، بل يُصنع عبر قرارات شجاعة تُوقف الحروب الحقيقية وتُنهي المآسي التي تدفع الشعوب ثمنها كل يوم. وأول هذه القرارات يبدأ من غزة، حيث يُختبر صدق أي حديث عن السلام.
خطاب الرئيس ترامب بدا أقرب إلى استعراض سياسي منه إلى خطة واقعية لصناعة السلام. التناقضات فيه كثيرة، والوعود أكبر من قدرة أي إدارة على تحقيقها. السلام لا يُبنى بالشعارات ولا بتضخيم الإنجازات، بل بالقرارات الشجاعة العادلة التي تبدأ بإنهاء معاناة الأبرياء وإيقاف آلة الحرب، وأولهم في غزة اليوم.