الجوع والإرهاب عدوّا السلام
سلطان حميد الجسمي
يعتبر الجوع والإرهاب من أخطر أسلحة الدمار والفتك في هذا القرن، فبعد الحرب العالمية الثانية، وتشكيل منظمة الأمم المتحدة، ورسم الحدود بين الدول ووضع القوانين التي تجرم على الدول الاعتداء على الدول الأخرى، وجدت الدول المعادية والمنظمات الدولية التي ترعى الإرهاب نفسها في ركن ضيق من العالم، فاقدة المقدرة على زرع الشر والسيطرة على أنظمة الدول، ومؤسساتها، ما جعلها ترسم خططاً واستراتيجيات جديدة منظمة لإعادة نشر الدمار، والحروب الداخلية في العالم، وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط، لأسباب عدة من أهمها السيطرة على الاقتصاد العالمي، وتوجيه رؤوس الأموال لمصالحها، ودعم اقتصاد كياناتها من دول، ومنظمات، والتوسع داخل حدود الدول بنشر نفوذها للسيطرة على المؤسسات، والتأثير في أصحاب القرار فيها.
إن الجوع فرع من أفرع الإرهاب، فهو قاتل للبشرية، وفي تقارير مؤكدة فإنه يموت إنسان كل دقيقة بسبب الجوع في العالم، وهناك أكثر من 830 مليون شخص اعتادوا على الذهاب إلى النوم جائعين، منهم 135 مليون شخص يعانون النقص الحاد في الغذاء بسب الحروب، والصراعات. وحذرت الأمم المتحدة على لسان الأمين العام، أنطونيو جوتيريس، من أن نحو 130 مليون شخص في العالم سيكونون على حافة المجاعة بحلول نهاية عام 2020، لأننا في عالم يسوده هدر للطعام. وللأسف، فإن ثلث الأغذية المنتجة عالمياً تهدر كل عام، أكثر من 1.3 مليار طن من الأغذية المنتجة بكلفة تريليون دولار سنوياً، وترمى في القمامة، وفي المقابل يشهد العالم مجاعات، ونقصاً حاداً في الغذاء.
ويشهد تاريخنا الحاضر، والقديم، بأن السبب الرئيسي للفقر والجوع هو النزاعات، والحروب، فبعد الحرب العالمية الأولى، في ثلاثينات القرن الماضي دخل العالم، وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية في أزمة اقتصادية عرفت بالكساد الكبير، حيث انتشر الفقر، والجوع، وأصبح الناس يأكلون من القمامة من شدة الجوع، والفقر. وفي يومنا هذا، وبسبب الحروب شهدت بلداناً عربية مثل السودان، والصومال، وسوريا، والآن يبدو أن اليمن على مشارف المجاعة والفقر أيضاً، جراء النزاعات والحروب، لا سيما أن التدخلات الخارجية جعلت هذه الدول تصل إلى هذه المرحلة.
ويعتبر الأمن الغذائي من أهم التحديات التي تواجه البشرية في هذا العصر، بسبب ما يخلفه الإخلال بالأمن من مخاطر المجاعة والنقص الحاد في الأغذية في العديد من البلدان، فتهديد هذا الأمن حرب على البشرية، والأمن الغذائي لا يعتمد في المقام الأول على أن تكون الدولة غنية، بل يعتمد على الدراسة الشاملة، ووضع الخطط المناسبة لتأمين الغذاء، والاستثمار في تأمين الناتج المحلي، وعمل دراسة تنظيمية لتصدير الأغذية واستيرادها من أجل تأمين منظومة الغذاء للحاضر والأجيال القادمة، وإلا فإن الخطر قادم لا محالة.
sultan.aljasmi@hotmail.com