عبد اللطيف الزبيدي

ما رأيك في اليابانية ماري كوندو، صاحبة كتاب «سحر الترتيب»؟ لا تعجل على القلم وأمهله يخبرك اليقين، فلم تضق به المواضيع بما رحبت، حتى لم يبق له غير شؤون «الهاوس كيبر» وتنظيم الأمور المنزلية. ماذا لو أخذنا منهجها الخماسي في كتابها وطبقناه على كل مجالات الحياة العامة؟ سنكتشف مفاجأة لا مثيل لها، إلا كتاب الجنرال الصيني صن تزو: «فن الحرب». سيذهلك أن «سحر الترتيب» الذي أرادت ماري كوندو أن تعلم ربات البيوت، بالدرجة الأولى لكونهن المضطلعات بمسؤولية الأعمال المنزلية، كيف يرتبن الأحذية والأغطية، والمناشف والشراشف والملاحف والمطارف، فاتها هي قبل غيرها أن منهجها يُخفي وراءه استراتيجية مجردة يمكن؛ بل يجب تطبيقها في جميع الميادين بلا استثناء: في السياسة والعمل الحكومي، والتنمية الاقتصادية، والتربية والتعليم، وإدارة المؤسسات والشركات، وعلى ذلك قس ما لم يقل.

كل المطلوب: تحويل منهجية الكتاب إلى أفكار مجردة استراتيجية، وتطبيقها على كل مجال بما يقتضيه.

كتاب «فن الحرب»، مضمونه في عنوانه، هو اختصار للاستراتيجيات الحربية، لكن بما أن الميادين جميعها تتشابه حين نجعلها حلبات مجردة، فقد استطاع الخبراء تطبيق استراتيجيات صن تزو، قبل خمسة وعشرين قرناً، في الخطط الاقتصادية، والعلوم الإدارية، والدعاية والإعلان، وإدارة المؤسسات الإنتاجية وغيرها.

إذا جردنا منهجية كوندو من محتوى الشؤون المنزلية، وحولناها إلى خطة عملية مجردة يمكن تنفيذها في أي مجال، استطعنا أن نجعل الميدان المعني رابحاً في الزمان والمكان؛ أي أنه سيربح الوقت والمساحة، وينجز أعماله بمجهود أقل، ويقتصد في الطاقة والنفقات.

تنطلق ماري كوندو من نقطة البداية الحاسمة: «تحديد ما يجب الاحتفاظ به»، يعني: التخلص من الكراكيب، حتى ولو كان الفراق مؤلماً. الأشياء تمثل طاقة: إيجابية أو سلبية، حسب ما تثيره من ذكريات، «وفي الزوايا بقايا من بقاياه»، بعد ذلك ضع في وسط الغرفة كل الأشياء التي نجت من التصفية، وصنفها إلى فئات: الملابس، الذكريات، التحف. ثم حدد لكل شيء المكان اللائق به ليتألق فيه. هنا عليك أن تجعل الطاقة الإيجابية المناسبة تسري في الشيء المناسب، ليتميز ويمتاز. الآن وقد ربحت المزيد من المساحة من خلال التخلص من الكراكيب الزائدة، من السهل وضع الأشياء أفقياً حتى لا تلوح متراكمة مكدسة.

لزوم ما يلزم: النتيجة التطبيقية: عد إلى منهجية سحر الترتيب وحاول تنفيذها في مجالات شتى. القلم سيفعل ذلك أيضاً.

abuzzabaed@gmail.com