أرض الأحلام وأراضي الفساد
نور المحمود
مؤكد أن للدول معايير تقيس بها نسب تقدمها ونجاحها في تحقيق أهدافها واستقرارها، ونسب رضا شعوبها عن الحياة فيها. لكن للشعوب معايير أخرى تقيس من خلالها نسب نجاح حكوماتها ومسؤوليها في تأدية رسالتهم وواجبهم وتحقيق الاستقرار لدولهم وتأمين متطلبات الحياة الكريمة لأبناء بلدهم.
من أدق وأصدق معاييرنا، شبابنا، نعم، هم الميزان الدقيق الذي يكشف معادن الحكام وطريقة إدارتهم للدول؛ هم المنظار الذي نرى من خلاله مستقبل أي دولة ومدى نجاحها في التقدم أو تراجعها وتعثرها وفسادها، هم الغد الذي نعمل من أجله اليوم فكيف لا تكون أحوالهم هي المعيار الأدق لنجاح أو فشل المسؤولين؟ بكثير من الفخر نتلقف نتائج الدراسة التي أجريت للشباب العرب وشملت 17 دولة، حيث تبين أن 46% منهم يعتبرون الإمارات هي البلد المفضل للعيش. وهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها معظم شبابنا عن أنها أرض الحلم بالنسبة لهم. وبكثير من الحزن والحرقة نتلقف الجزء الآخر من الاستطلاع، الذي يعتبر وصمة عار على جبين كل دولة يعشش في نظامها الفساد فتتحول إلى أرض طاردة لأبنائها وتشردهم وتجبرهم على الرحيل.
نفس الاستطلاع يظهر وجهي الصلاح والفساد، كيف تبني دولة ورجالاً ومستقبلاً ناجحاً، وكيف تدمر بلداً وتقضي على طموحات وأحلام أبنائه! الإمارات نموذج إيجابي لدولة تعرف كيف تضع أبناءها في أولوية اهتماماتها، تصنع لهم غداً مشرقاً ولا ترسلهم إلى الخارج إلا للتزود بالعلم والخبرة والعودة إليها محملين بقدرات وأحلام كبيرة، يعملون على تطبيقها والمشاركة في صناعة المستقبل لهم ولوطنهم.
في المقابل نجد نماذج عربية سلبية، تقتل طموح شبابها، تسرق منهم الأحلام، تقفل أبواب الأمل في وجوههم، فيحملون حقائبهم وشهاداتهم وعزائمهم وتطلعاتهم ليزرعوها في أرض الغربة، بعيداً عن جذورهم وأهاليهم وأجدادهم وأصدقائهم.. ينسلخون رغماً عنهم من أحضان أمهاتهم وآبائهم، لتصير الغربة أحن عليهم من حكام دولهم.
كم هو مخجل أن يعتقد 77% من الشباب العرب – وأعتقد أن العينة التي شملها الاستطلاع تشكل خير نموذج لكل الشباب العرب – أن حكومات دولهم فاسدة، ومؤلم جداً أن يشعر 87% منهم بقلق بسبب البطالة.
ما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يختصر الكثير ويعتبر رسالة مباشرة إلى كل حاكم ومسؤول: «إذا فسدت الحكومات خربت البلاد وقل أمنها وتركها أهلها.. وكل مسؤول سيكون مسؤولاً أمام الله».
noorlmahmoud17@gmail.com